للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قوله: {وَيَجْعَلُونَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ نَصِيباً} الآية لما بيَّن فساد قول أهل الشرك بالدلائل القاهرة، شرح في هذه الآية تفاصيل أقوالهم.

قوله: {لِمَا لَا يَعْلَمُونَ} الضمير في قوله: «يَعْلمُونَ» يجوز أن يعود للكفار، أي: لما يعلم، ومعنى «لا يَعْلمُونَ» أنهم يسمُّونها آلهة، ويعتقدون أنَّها تضرُّ، وتنفع، وتشفع؛ وليس الأمر كذلكز

ويجوز أن تكون للآلهة، وهي الأصنام، أي: الأشياء غير موصوفةٍ بالعلمز

قال باضهم: والأوَّل أولى؛ لأنَّ نفي العلم عن الحي حقيقةٌ، وعن الجمادِ مجازٌ، وأيضاً: الضمير في «ويَجْعَلُونَ» عائدٌ غلى المشركين، فكذلك في قوله {لِمَا لَا يَعْلَمُونَ} ، وأيضاً فقوله: {لِمَا لَا يَعْلَمُونَ} جمعٌ بالواو والنون؛ وهو بالعقلاءِ أليق منه بالأصنام.

وقيل: الثاني أولى؛ لأنَّا إذا أعدناه إلى المشركين؛ افتقرنا إلى إضمار؛ فإن التقدير: ويجعلون لما لا يعلمون إلهاً، أو لما لا يعلمون كونه نافعاً ضارًّا، وإذا اعدناه إلى الأصنام، لم نفتقر إلى الإضمار؛ لأن التقدير: ويجعلون لما لا علم لها.

وأيضاً: لو كان هذا العلم مضافاً إلى المشركين، لفسد المعنى؛ لأنه من المحال أن يجعلوا نصيباً مما رزقهم، لما لا يعلمونه.

فإذا قلنا بالقول الأول، احتجنا إلى الإضمار، وذلك يحتمل وجوهاً:

أحدها: ويجعلون لما لا يعلمون له حقًّا، ولا يعلمون في طاعته [نَفْعاً] ، ولا في الإعراضِ عنه ضُرًّا.

قال مجاهدٌ: يعلمون أنَّ الله خلقهم ويضرُّهم وينفعهم، ثم يجعلون لما لا يعلمون أنَّه ينفعهم، ويضرُّهم نصيباً.

وثانيها: ويجعلون لما لا يعلمون إلهيَّتها.

وثالثها: ويجعلون لما لا يعلمون السبب في صيرورتها ىلهة معبودة.

<<  <  ج: ص:  >  >>