قوله:{أَفَرَأَيْتَ الذي تولى} لما بين جهل المشركين في عبادة الأصنام ذكر واحداً منهم معيناً بسوء فعله.
قال مجاهد وابن زيد ومقاتل: نزلت في الوليد بن المغيرة كان قد اتبع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على دينه فعيَّره بعض المشركين وقالوا له: تركت دين الأشياخ وضللتهم فقال: إنِّي خَشِيتُ عذاب الله فضمن الذي عاتبه إن هو أعطاه كذا من ماله ورجع إلى شركه أن يتحمل عنه عذابَ الله، فرجع الوليد إلى الشرك وأعطى الذي عيره بعض ذلك المال الذي ضمن ومنعه تمامه، فأنزل الله {أَفَرَأَيْتَ الذي تولى} أي أدبر عن الإيمان «وأعطى» صاحبه «قَلِيلاً وأَكْدَى» بخل بالباقي. وقال السدي: نزلت في العاصِ بن وائل السّهمّي، وذلك أنه ربما وافق النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في بعض الأمور. وقال محمد بن كعب القرظي: نزلت في أبي جهل وذلك أنه قال: والله ما يأمرنا محمدٌ إلا بمكارم الأخلاق فذلك قوله {وأعطى قَلِيلاً وأكدى} أي لم يؤمن به. ومعنى «أَكْدَى» أي قطع.
قوله:«وَأَكْدَى» أصله من أَكْدَى الحَافِر إذا حَفَرَ شيئاً فصادف كُدْيَةً منعته من الحفر، ومثله: أَجْبَلَ أي صادف جَبَلاً مَنَعَهُ من الحَفْرِ، وكَدِيَتْ أَصَابِعُهُ كَلَّتْ من الحفر، ثم استعمل في كل من طلب شيئاً فلم يصل إليه أو لم يتمِّمه ولمن طلب شيئاً ولم يبلغ آخِرَه. قال الحطيئة: