فقوله:«إلاّ أَيَّاماً مَعْدُودَةً» استثناء مفرّغ، و «أيَّاماً» منصوب على الظرف بالفعل قبله، والتدقير: لن تَمّسنا النار أبداً إلاّ أياماً قلائل يَحْصُورُها العَدُّ؛ لأن العد يحصر القليل، وأصل:«أيّام» : أَيْوَام؛ لأنه جمع يوم، نحو:«قوم وأقوام» ، فاجتمع الياء والواو، وسبقت إحداهما بالسكون، فوجب قلب الواو ياء، وإدغام الياء في الياء مثل:«هَيّت وميّت» ؟
فصل
ذكروا في الأيام المعدودة وجهين:
الأول: أن لفظه الأيام [لا تضاف إلا إلى العشرة فما دونها، ولا تضاف إلى ما فوقها، فيقال: أيام خمسة، وأيام عشرة، ولا يقال: أيام أحد عشر. إلَاّ أن هذا] يشكل بقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصيام}[البقرة: ١٨٣] إلى أن قال: {أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ}[البقرة: ١٨٤] وهي أيام الشهر كله، وهي أزيد من العشرة.
قال القاضي: إذا ثبت أن الأيام محمولة على العَشْرة فما دونها، فالأشبه أن يقال: إنه الأقل أو الأكثر؛ لأن من يقول ثلاثة يقول: أحمله على أقل الحقيقة فله وجه، ومن يقول: عشرة يقول: أحمله على الأكثر وله وجه.
فأما حمله على أقل من العشرة وأزيد من الثلاثة فلا وجه له؛ لأنه ليس عَدَدٌ أولى من عَدَدٍ، اللهم إلا إنْ جاءت في تقديرها رواية صحيحة، فحينئذ يجب القول بها.
روي عن ابن عباس ومجاهد: أن اليهود كانت تقول: «الدنيا سبعة آلاف سنة، فالله يعذب على كلّ ألف سنة يوماً واحداً» .
وحكى الأصم عن بعض اليهود: أنهم عبدوا العِجْل سبعة أيام.
وروي عن ابن عباس رَضِيَ اللهُ عَنْه: أنه قدر هذه الأيام بالأربعين، وهو عدد الأيام التي عبد آباؤهم العجل فيها، وهي مدّة غيبة موسى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ عنهم.