الرابع: أنَّهُ مرفوع على خبر مبتدأ مضمر وهو معنى القطع أيضاً.
الخامس: أنه مبتدأ وفي الخبر حينئذٍ وجهان: أحدهما الجملةُ الفعليَّةُ من قول: «يأمُرهُمْ بالمَعْرُوفِ» . والثاني: الجملةُ الأسميَّةُ من قوله: {فأولئك هُمُ المفلحون}[الأعراف: ٨] ذكر ذلك أبُو البقاءِ، وفيه ضعف بل مَنْعٌ كيف يجعل:«يَأمْرُهُم» خبراً وهو من تتمسة وَصْفَ الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، أو على أنَّهُ معمولٌ للوجدان عند بعضهم؟ كيف يجعل {فأولئك هُمُ المفلحون} خبراً لهذا الموصول؟ والموصولُ الثاني وهو قوله:{فالذين آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ} يطلبه خبراً، لا يتبادَرُ الذهن إلى غيره، ولو تبادر لم يكن مُعتَبراً.
قوله «الأمِّيَّ» العامَّةُ على ضمِّ الهمزة، نسبةً إمَّا إلى الأمة وهي أمَّةُ العرب؛ وذلك لأن العرب لا تحسب ولا تكتب، ومنه الحديث «أنَّا أمَّةٌ أمِّيَّةٌ لا نَكْتُبُ ولا نَحْسُبُ» ، وإمَّا نسبةً إلى «الأمّ» وهو مصدر «أمَّ يَؤمُّ» أي: قصد يقصد، والمعنى على هذا: أن النبيَّ الكريم مقصود لك أحدٍ، وفيه نظر؛ لأنه كان ينبغي أن يقال:«الأَمِّيّ» بفتح الهمزة.
وقد يقال: إنَّهُ من تغيير النَّسب، وسيأتيأنَّ هذه قراءةٌ لبعضهم، وإمَّا نسبةً إلى «أمِّ القرى» وهي مكة وإمَّا نسبةً إلى الأمّ، فالأمي الذي لا يقرأ ولا يكتب على حالةِ ولادته من أمه.
وقرأ يعقوب الأَمِّيَّ بفتح الهمزة، وخَرَّجهَا بعضُهُمْ، على أنَّهُ من تَغْييرِ النَّسبِ، كما قالوا في النَّسب إلى أمَيَّة: أموي، وخرَّجها بعضُهم على أنَّها نسبةٌ إلى «الأَمِّ» وهو القصد، أي الذي هو على القصْدِ والسَّدادِ، وقد تقدم ذلك في القراءة الشهيرة، فكل من القراءتين يحتملُ أن تكون مُغَيَّرَةً من الأخرى.