قال ابن عباس في رواية عطاء:{وَكَثِيرٌ مِّنَ الناس} يوحده، {وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ العذاب} ممن لا يوحده، وروي عنه أنه قال:{وَكَثِيرٌ مِّنَ الناس} في الجنة. وهذه الرواية تؤكد أن قوله {وَكَثِيرٌ مِّنَ الناس} مبتدأ وخبره محذوف. وقال آخرون الوقف على قوله {وَكَثِيرٌ مِّنَ الناس} ثم استأنف بواو الاستئناف فقال: {وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ العذاب} .
(وأما قوله تعالى {وَمَن يُهِنِ الله فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ} فالمعنى أن الذين حق عليهم العذاب) ليس لهم أحد يقدر على إزالة ذلك الهوان عنهم مكرماً لهم. ثم بين بقوله {إِنَّ الله يَفْعَلُ مَا يَشَآءُ} أنه الذي يصح منه الإكرام والهوان يوم القيامة بالثواب والعقاب.
قوله
تعالى
: {هذان
خَصْمَانِ
اختصموا
فِي رَبِّهِمْ} الآية. لما بين أن الناس قسمان منهم من يسجد لله، ومنهم من حق عليه العذاب ذكر هاهنا كيفية اختصامهم. والخصم: في الأصل مصدر ولذلك يوحد ويذكر غالباً، وعليه قوله تعالى {نَبَأُ الخصم إِذْ تَسَوَّرُواْ}[ص: ٢١] .
ويجوز أن يثنى ويجمع ويؤنث، وعليه هذه الآية. ولما كان كل خصم فريقاً يجمع طائفة قال «اختصموا بصيغة الجمع كقوله: {وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ المؤمنين اقتتلوا}[الحجرات: ٩] فالجمع مراعاة للمعنى وقرأ ابن أبي عبلة» اختصما «مراعاة للفظ وهي مخالفة للسواد. وقال أبو البقاء: وأكثر الاستعمال توحيده فيمن ثناه وجمعه حمله على الصفات والأسماء. و» اخْتَصَمُوا «إنما جمع حملاً على المعنى لأن كل خصم تحته أشخاص.