وقال الزمخشري: الخَصْم صفة وصف بها الفوج أو الفريق، فكأنه قيل: هذان فوجان أو فريقان يختصمان، وقوله:» هَذَانِ «للفظ، و» اختَصَمُوا «للمعنى، كقوله:{وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حتى إِذَا خَرَجُواْ}[محمد: ١٦] ، ولو قيل: هؤلاء خصمان أو اختصما جاز أن يراد المؤمنون والكافرون. قال شهاب الدين: إن عنى بقوله: أن خصماً صفة بطريق الاستعمال المجازي فمسلم، لأن المصدر يكثر الوصف به، وإن أراد أنه صفة حقيقية فخطأه ظاهر لتصريحهم بأن نحو رجل خَصْم مثل رجل عَدْل، وقوله:» هذان «للفظ. أي: إنما أشير إليهم إشارة المثنى، وإن كان في الحقيقة المراد الجمع باعتبار لفظ الفوجين والفريقين ونحوهما. وقوله: كقوله: {وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ}[محمد: ١٦] إلى آخره فيه نظر، لأن في تيك الآية تقدم شيء له لفظ ومعنى وهو» من «، وهنا لم يتقدم شيء له لفظ ومعنى.
وقوله تعالى:{فِي رَبِّهِمْ} أي: في دين ربهم،، فلا بد من حذف مضاف أي جادلوا في دينه وأمره. وقرأ الكسائي في رواية عنه» خصمان «بكسر الخاء. واحتج من قال أقل الجمع اثنان بقوله:{هذان خَصْمَانِ اختصموا} . وأجيب بأن المعنى جمع كما تقدم.
فصل
اختلفوا في تفسير الخَصْمَيْن، فقيل: المراد طائفة المؤمنين وجماعتهم، وطائفة الكفار وجماعتهم، وأن كل الكفار يدخلون في ذلك، قال ابن عاس: رجع أهل الأديان الستة» في رَبِّهِم «أي في ذاته وصفاته. وقيل: إنّ أهل الكتاب قالوا: نحن أحق بالله، وأقدم منكم كتاباً، ونبينا قبل نبيكم. وقال المؤمنون: نحن أحق بالله آمنا بمحمد وآمنا بنبيكم وما أنزل الله من كتاب، وأنتم تعرفون كتابنا ونبينا ثم تكتمونه، وكفرتم به حسداً، فهذه خصومتهم في ربهم. وقيل: هو ما روى قيس بن عباد عن أبي ذر الغفاري