لَمَا بيَّن التوحيد ودلائلهُ وما للموحِّدين مِنَ الثواب وأتبعه بذكر الشِّرك، أتبع ذلك بذكر إنعامه على الفريقين وأنَّ معصية مَنْ عَصَاه، وكُفْر من كَفَر به، لم تُؤَثِّر في قطع نعمه وإحسَانه إِلَيهمْ.
قال ابن عبَّاس رَضِيَ اللهُ عَنْهما: هذه الآية نزلت في قومٍ من ثقيف، وبني عامر بن صَعْصعَة، وخُزَاعة، وبني مُدْلجٍ، حَرَّموا على أنفسُهم مِنَ الحَرثِ، والبحائِرِ، والسَّوائِب، والوَصَائِلَ والحَامِ.
قوله تعالى « {مِمَّا فِي الأرض حَلَالاً طَيِّباً} حَلالاً فيه خَمْسَة أوجُهٍ:
أحدها: أن يكون مفعولاً ب» كُلُوا «و» مِنْ «على هذا فيها وجهان:
الثاني: أنْ تتعلَّق بمحذوفٍ على أنَّها حالٌ من» حلالاً « [وكانت في الأصلِ صفةً له، فَلَمَّا قُدَّمَتْ عليه، انتصَبَتْ حالاً] ويكون معنى» مِن «التَّبْعِيضَ.
الثاني: أنْ يكون انتصابُ» حَلَالاً «على أنَّه نعتُ لمفعولٍ محذوف، تقديرُهُ: شيئاً أو رِزْقاً حَلَالاً، ذكَرَه مَكِّيٌّ واستعبده ابن عطيَّة ولم يبيِّن وجه بُعْده، والذي يظهرُ في بُعْده أَنَّ» حَلَالاً «ليس صفةً خاصَّة بالمأْكُول بل يُوصَف به المأكُول وغيره وإذا لم تكُن الصفة خاصَّة، لا يجوز حذف الموصول.