وقال ابن عطية: الذي يظهر لي أن الضمير الأول في «أنه» يعود على «كُلَّ شَيْطَانٍ» وفي «فأنه» يعود على «من» الذي هو المتولى.
فصل
قيل: معنى «كُتِبَ عَلَيْه» مثل، أي: كأنما كتب إضلال من يتولاه عليه لظهور ذلك في حاله. وقيل: كتب عليه في أم الكتاب. واعلم أن هذا الكلام يحتمل أن يكون راجعاً إلى «مَنْ يُجَادِلُ» ، وأن يرجع إلى الشياطين. فإن رجع إلى «مَنْ يُجَادِلُ» فإنه يرجع إلى لفظه الذي هو موحد فكأنه قال: كتب: من يتبع الشيطان أضله عن الجنة وهداه إلى النار، وذلك زجر منه، فكأنه قال: كتب على من هذا حاله أن يصير أهلاً لهذا الوعد. وإن رجع إلى الشيطان كان المعنى ويتبع كل شيطان مريد قد كتب عليه أنه من يتولاه فهو ضال. وعلى هذا الوجه أيضاً يكون زجراً عن اتباعه.
قوله
تعالى
: {يا
أيها الناس إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ البعث} الآية. لما حكى عنهم الجدال بغير علم في إثبات الحشر والنشر، وذمَّهم عليه، ألزمهم الحجة، وأورد الدلالة على صحة ذلك من وجهين:
أحدهما: الاستدلال بخلقة الحيوان أولاً، ثم بخلقة النبات ثانياً، وهذا موافق لما أجمله في قوله:{قُلْ يُحْيِيهَا الذي أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٍ}[يس: ٧٩] . فكأنه تعالى قال:{فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ الذي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ}[الإسراء: ٥١] أي شك من البعث ففكروا في خلقتكم الأولى لتعلموا أن القادر على خلقكم أولاً قادر على خلقكم ثانياً.