قوله تعالى:{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ الله عَلَيْكُمُ الليل سَرْمَداً} الآية، لما بيَّن بقوله {وَهُوَ الله لاا إله إِلَاّ هُوَ لَهُ الحمد فِي الأولى والآخرة وَلَهُ الحكم وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}[القصص: ٧٠] فصل عقيب ذلك ببعض ما يجب أن يحمد عليه بما لا يقدر عليه سواه، فقال:{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ الله عَلَيْكُمُ الليل سَرْمَداً} ، نبَّه بذلك على كون الليل والنهار نعمتان متعاقبتان على الزمان، ووجهه أن المرء في الدنيا مضطرٌّ إلى أن يتعب لتحصيل ما يحتاج إليه ولا يتم ذلك إلا براحة وسكون بالليل ولا بد منها والحالة هذه، فأما في الجنة فلا نصب ولا تعب ولا حاجة بهم إلى الليل، ولذلك يدوم لهم الضياء واللذات، فبيَّن بذلك أن القادر على ذلك ليس إلاّ الله فقال:«قُلْ أَرَأَيْتُمْ» أخبروني يا أهل مكة {إِن جَعَلَ الله عَلَيْكُمُ الليل سَرْمَداً} دائماً {إلى يَوْمِ القيامة} لا نهار معه {مَنْ إله غَيْرُ الله يَأْتِيكُمْ بِضِيَآءٍ} بنهار تطلبون فيه المعيشة «أَفَلَا تَسْمَعُون» سماع فهم وقبول؟
قوله: أَرَأَيْتُم، وجعل تنازعاً في «اللَّيْل» وأعمل الثاني ومفعول «أَرَأَيْتُمْ» هي جملة الاستفهم بعده والعائد منها على الليل محذوف تقديره: بضياء بعده، وجواب الشرط محذوف، وتقدم تحرير هذا في الأنعام، وسرمداً مفعول ثان إن كان