لمَّا نَبَّهَ على عِنادِهم بقوله:{فَإنْ حَآجُّوكَ}[آل عمران: ٢٠] بَيَّنَ في هذه الآيةِ غايةَ عِنادِهم، واعلم أن ظاهر الآية يتناول الكُلَّ؛ لأنه ذكره في معرض الذم، إلا أنه قد دَلَّ دليل آخر على أنه ليس كل أهل الكتاب كذلك، لقوله تعالى:{مِّنْ أَهْلِ الكتاب أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ الله آنَآءَ الليل وَهُمْ يَسْجُدُونَ}[آل عمران: ١١٣] والمراد بالكتاب غير القرآن؛ لأنه أضاف الكتاب إلى الكفار، وهم اليهود والنصارى.
فصل
في سبب النزول وجوهٍ:
أحدها: رَوَى ابنُ عباس: أنَّ رجلاً وامرأةً - من اليهود - زَنَيَا وكانا ذَوَى شَرَفٍ، وكان في كتابهم الرَّجْمُ، فكرهوا رَجْمَهُمَا؛ لشرفهما، فرجعوا في أمرهما إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، رجَاءَ أن يكون عنده رخصةٌ في تَرْك الرجم، فحكم الرسولُ - عليه السلام - بالرجم، فأنكروا ذلك، فقال - عليه السلام - «بيني وبينكم التوراةُ؛ فإن فيها الرَّجمَ، فمَنْ أعْلَمُكم» ؟ قالوا: رجل أعور يسكن فَدك، يقال له: ابن صوريا، فأرسلوا إليه فقدِمَ المدينةَ، وكان جبريلُ قد وصفه لرسولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فقال رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:«أنت ابن صُوريا» ؟ قال: نَعَمْ، قال: «