أمره تعالى بالإقبال على عبادته؛ لكي ينصره الله، فكأنَّه قيل: لا تبالِ بسعيهم في إخراجك من بلدك، ولا تلتفت إليهم، واشتغل بعبادة الله، والدوام على الصلاة؛ فإنه تعالى يدفع مكرهم وشرَّهم عنك، ويجعل يدك فوق أيديهم، ودينك عالياً على أديانهم.
نظيره قوله تعالى:{فاصبر على مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشمس وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَآءِ الليل فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النهار لَعَلَّكَ ترضى}[طه: ١٣٠] .
وثالثها: أنَّ اليهود، لمَّا قالوا له: اذهب إلى الشَّام، فإنه مسكن الأنبياء، وعزم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ على الذَّهاب إليه، فكأنَّه قيل له: المعبودُ واحدٌ في كلِّ البلاد، وما النصر والقوَّة والدولة إلا بتأييده ونصرته، فدوام على الصَّلوات، وارجع إلى مقرِّك ومسكنك، فقل:{رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ}[الإسراء: ٨٠] في تقرير دينك، وإظهار شريعتك.
قوله تعالى:{لِدُلُوكِ} : في هذه اللام وجهان:
أحدهما: أنها بمعنى «بَعْدَ» أي: بعد دلوكِ الشمسِ، ومثله قولُ متمِّم بن نويرة:[الطويل]