كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ} [الحج: ٤٧] فإن لكل مقدار من هذه الأيام لوناً من هذه الألوان.
وقال الحسن: فيه إضمار، أي هذا يوم لا ينطقون فيه بحجة نافعة، ومن نطق بما لا ينفع ولا يفيد، فكأنه ما نطق، كما يقال لمن ذكر كلاماً غير مفيد: ما قلت شيئاً، وقيل: إن هذا وقت جوابهم: {اخسئوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ}[المؤمنون: ١٠٨] .
قال الفراء: أراد بقوله: «لا ينطقون» تلك الساعة، وذلك القدر من الوقت الذي لا ينطقون فيه، كما تقول: آتيك يوم يقدم فلان، والمعنى: ساعة يقدم، وليس باليوم كله؛ لأن القدوم إنما يكون في وقت يسير ولا يمتد في كل اليوم.
وأجاب ابن الخطيب: بأن قوله تعالى {لَا يَنطِقُونَ} لفظ مطلق، والمطلق لا يفيد العموم لا في الأنواع، ولا في الأوقات، بدليل أنك تقول: فلان لا ينطق بالشر ولكنه ينطق بالخير، وتارة تقول: فلان لا ينطق شيئاً ألبتة، فهذا يدل على أن مفهوم «لا ينطق» مشترك بين الدائم والمؤقت، وإذا كان كذلك فمفهوم «لا ينطق» يكفي في صدقه عدم النطق ببعض الأشياء، وفي بعض الأوقات، وذلك لا ينافي حصول النطق بشيء آخر في وقت آخر، فيكتفى في صدق قوله:«لا يَنطقُونَ» أنهم لا ينطقون بعذر وعلة في وقت واحد، وهو وقت السؤال.
فإن قيل: لو حلف لا ينطق في هذا اليوم حنث في قطعه في جزء منه. قلنا: ذلك لعرف الإيمان بحثنا في عرف اللفظ من حيث هو.
قال ابن الخطيب: فإن قيل: قوله: {ولا يُؤذنُ لهُم فيَعتَذِرُونَ} يوهم أن لهم عذراً، وقد منعوا من ذكره، فهم لا يؤذن لهم في ذكر ذلك العذر الفاسد.
قوله
تعالى
: {هذا
يَوْمُ الفصل جَمَعْنَاكُمْ} . هذا نوع آخر من أنواع تهديد الكفار وتخويفهم، أي: يقال لهم: هذا اليوم الذي يفصل فيه بين الخلائق، فيتبين المحق من المبطل.