أحدهما: قال القفَّالُ: «لما نَهاهُم في الآية المُتقدِّمَةَ عن أكل الأمْوَالِ بالباطل، وعن قتْلِ النُّفُوسِ، أمرهم في هذه الآيةِ بما سهَّلَ عليهم تَرْكَ هذه المنهيَّاتِ، وهو أن يَرْضَى كُلُّ واحد بِمَا قسَمَ اللَّهُ، فإنَّهُ إذا لم يَرْض، وَقَعَ في الحَسَدِ، وإذا وقع في الحَسَدِ وَقعَ لا مَحَالَة في أخْذِ الأمْوَالِ بالبَاطلِ، وفي قتل النُّفُوسِ» .
الثَّانِي: أنَّ أخْذ الأمْوَالِ بالبَاطلِ، وقتلَ النُّفُوسِ من أعمال الجَوَارِحِ، فأمر أوَّلاً بتركها ليصيرَ الظَّاهِرُ طاهراً عن الأفعال القبيحة، ثُمَّ أمَرَهُ بعْدَهَا بترك التَّعَرُّضِ لِنُفُوسِ النَّاسِ، وأموالهم بالقَلْب على سَبيلِ الحَسَدِ، ليصيرَ البَاطِنُ أيضاً طاهراً عن الأخلاق الذَّمِيمَةِ.
فصل في سبب نزول الآية
قال مُجاهِدٌ:«قالت أمُّ سلمةَ: يا رسُولَ اللَّهِ، إنَّ الرِّجَالَ يَغْزُونَ ولا نَغْزُو، ولهم ضِعْفُ مَا لَنَا مِنَ المِيراثِ، فلو كُنَّا رجالاً غَزَوْنَا كما غَزَوا، وأخذْنَا مِنَ المِيراثِ مثلما أخذُوا؟ فنزلت هذه الآية» .