قوله تعالى:{إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} أي: أحببت هدايته، وقيل: أحببته لقرابته، قال المفسرون:«نزلت في أبي طالب قال له النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قل: لا إلَه إلَاّ الله أشهد لك بها يوم القيامة، قال: لولا أن تعيِّرني قريش، تقول: إنما حمله على ذلك الجزع لأقررت بها عينيك» ، فأنزل الله هذه الآية.
فصل
قال في هذه الآية:{إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ ولكن الله يَهْدِي مَن يَشَآءُ} ، وقال في آية أخرى {وَإِنَّكَ لتهدي إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}[الشورى: ٥٢] ، ولا تنافي فإن الذي أثبته وأضافه إليه الدعوة، والذي نفاه عنه هداية التوفيق وشرح الصدور، وهو نور يقذف في القلب فيجيء به القلب كما قال سبحانه {أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي الناس}[الأنعام: ١٢٢] .:
فصل
احتج أهل السنة بهذه الآية في مسألة الهدى والضلال، فقالوا: قوله: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ ولكن الله يَهْدِي مَن يَشَآءُ} يقتضي أن تكون الهداية في الموضعين بمعنى واحد لأنه لو كان المراد من الهداية في قوله {إنَّكَ لَا تَهْدِي} شيئاً، وفي قوله:{ولكن الله يَهْدِي مَن يَشَآءُ} شيئاً آخر لاختلّ النظم، ثم إما أن يكون المراد من الهداية بيان الأدلة