قوله:«وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ» نزلت في النضر بن الحارث حين قال: {فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السمآء}[الأنفال: ٣٢]{وَلَوْلَا أَجَلٌ مُّسَمًّى} قال ابن عباس: ما وعدتك أني لا أعذب قومك ولا أستأصلهم وأؤخر عذابهم إلى يوم القيامة كما قال: {بَلِ الساعة مَوْعِدُهُمْ}[القمر: ٤٦] وقيل: يوم بدر. ولولا ذلك الأجل المسمى الذي اقتضته حكمته {لَّجَآءَهُمُ العذاب وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً} يعني العذاب. وقيل: الأجل بغتة {وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} بإتيانه، وقوله:{وهم لا يشعرون} يحتمل وجهين:
أحدهما: معنى تأكيد قوله: «بغتة» ، كما يقول القائل: أتيته على غفلة منه بحث لم يدرِ.
فقوله:{بحيث لم يدر} أكد معنى الغفلة.
والثاني: أنه يفيد فائدة مستقلة وهي أن العذاب يأتيهم بغتة {وهم لا يشعرون} هذا الأمر، ويظنون أن العذاب لا يأتيهم أصلاً.
قوله:{يَسْتَعْجِلُونَكَ بالعذاب وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بالكافرين} ذكر هذا للتعجب، لأن من توعد بأمر فيه ضرر يسير كلطْمةٍ أو لكمة فيرى في نفسه الجلد ويقول: بسم الله هات، وأما من توعد بإغراقٍ أو إحراقٍ ويقطع بأن المتوعد قادر لا يخلف الميعاد لا يخطر ببال العاقل أن يقول له: هات ما توعدني به فقال ههنا «يستعجلونك بالعذاب» والعذاب بنار جهنم المحيطة (بهم) فقوله ( «يستعجلونك بالعذاب» ) أولاً: إخباراً عنهم، وثانياً: تعجباً منهم.
وقيل: أعادَهُ تأكيداً، ثم ذكر كيفية إحاطة جهنم فقال:{يَوْمَ يَغْشَاهُمُ العذاب مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ} .
فإن قيل: لم يخص الجانبين ولم يذكر اليمين والشمال وخلفَ وقُدَّام؟