للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فعدم الذِّكر لا يدلُّ على العدم، ألا ترى قوله تعالى {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ} [عبس: ٣٨، ٣٩] وهم المؤمنون {وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ أولئك هُمُ الكفرة الفجرة} [عبس: ٤٠ - ٤٢] فذكر المؤمنين والكافرين، ثم إنَّ عدم ذكر القسم الثَّالث، لم يدل عند الجبائيُّ على نفيه؛ فكذا ههنا.

قوله

تعالى

: {والذين

اتخذوا

مَسْجِداً ضِرَاراً} الآية.

قرأ نافع، وابن عامر «الذين اتَّخَذُوا» بغير «واو» . والباقون بواو العطف. فأمَّا قراءةُ نافع وابن عامر فلموافقةِ مصاحفهم، فإنَّ مصاحف المدينة والشَّام حذفت منها الواوُ، وهي ثابتةٌ في مصاحف غيرهم. فمنْ أسقط الواوَ ففيه أوجه:

أحدها: أنَّها بدلٌ من «آخرون» قبلها، وفيه نظر؛ لأنَّ هؤلاء الذين اتَّخَذُوا مسجداً ضراراً، لا يقال في حقِّهم: إنَّهم مُرجَوْن لأمر الله؛ لأنَّهُ رُوي في التفسير أنَّهم من كبار المنافقين، ك: أبي عامر الرَّاهب.

الثاني: أنَّهُ مبتدأ، وفي خبره حينئذٍ أقوالٌ، أحدها: أنَّهُ «أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ» والعائدُ محذوفٌ تقديره: بنيانه منهم.

الثاني: أنَّهُ «لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ» قاله النَّحاسُ والحوفيُّ وفيه بعدٌ لطول الفصل.

الثالث: أنه «لا تقُمْ فيهِ» قالهُ الكسائيُّ. قال ابن عطيَّة: «ويتجه بإضمارٍ، إمَّا في أول الآية، وإمَّا في آخرها، بتقدير: لا تقمْ في مسجدهم» .

الرابع: أنَّ الخبر محذوفٌ، تقديره: يعذبون، ونحوه، قاله المهدويُّ.

الوجه الثالث: أنَّه منصوبٌ على الاختصاص، وسيأتي هذا الوجه أيضاً في قراءة الواو.

وأما قراءةُ الواو ففيها ما تقدَّم، إلَاّ أنَّه يمتنع وجه البدل من «آخرون» ؛ لأجل العاطف.

<<  <  ج: ص:  >  >>