اعلم أن «قَضَى» إذا عُلِّق بفعل النَّفْس، فالمرادُ منه الإِتْمَام والفَرَاغ؛ كقوله تعالى:{فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ}[فصلت: ١٢]{فَإِذَا قُضِيَتِ الصلاة}[الجمعة: ١٠] ، وقوله - عليه السلام -: «وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا» ، ويقال للحَاكِم عند فصل الخُصُومَةِ، قَضَى بينهما. وإذا عُلِّق على فِعْل الغَيْر، فالمراد به الإِلْزَام، كقوله:{وقضى رَبُّكَ}[الإسراء: ٢٣] وإذا اسْتُعْمِل في الإعلامِ، فالمراد أيضاً كذلك؛ كقوله:{وَقَضَيْنَآ إلى بَنِي إِسْرَائِيلَ}[الإسراء: ٤] ، أي: أعْلَمْنَاهُم، وهذه الآية الكريمة من القِسم الأوَّل.
وقال بعضهم: يحتمل أن يكون المُرَادُ: اذكُرُوا الله عِنْد المَنَاسِك، ويكون المُرَادُ من هذا الذَّكرِ: ما أُمروا به من الدُّعَاءِ بعَرَفاتٍ والمشعر الحَرَام والطَّواف والسَّعي؛ كقول القائل: إذا حَجَجْتَ فَطُف وقف بعرَفَة، ولا يُريد الفراغ من الحَجِّ، بل الدُّخُول فيه، وحَمَلهُم التَّأْويل صيغة الأَمر.