قال ابن الخطيب: لما حكم بجواز النسخ عَقّبه ببيان أن ملك السموات والأرض له لا لغيره، وهذا هو التنيه على أنه سبحانه وتعالى إنما حين [منه الأمر والنهي لكونه مالكاً للخلق، وهذا هو مذهب اصحابنا، وأنه] إنما حسن التكليف منه لمحض كونه مالكاً للخلق مستولياً عليهم لا لثواب يحصل، أو لعقاب يندفع.
فقال القفال رَحِمَهُ اللهُ تعالىك ويحتمل أن يكون هذا إشارة إلى أمْمر القِبْلَة، فإنه تعالى أخبرهم بأنه ملك السموات والأرض، وأن الأمكنة والجهات كلها له، وأنه ليس بعض الجهات أكبر حرمة من البعض، إلَاّ من حيث يجعلها هو تعالى له، وإذا كان كذلك وكان الأمر باستدلال القِبْلَة إنما هو مَحْضُ التخصيص بالتشريف، فلا مانع يمنع من تغييره من جهة إلى جهة.
قوله:«أَلَمْ تعْلَمْ» جزم ب «لم» ، وحروف الاستفهام لا تغير عمل العامل، وقوله:«أَلَمْ تَعْلَمْ» خطاب للنبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ووالمراد أمته، لقوله:{وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ الله مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} .
وفي قوله:«مُلْك» وجهان:
أحدهما: أنه مبتدأ، وخبره مقدم عليه، والجملة في محلّ رفع خبر ل «أن» .
والثاني: أنه مرفوع بالفاعلية، رَفَعَهُ الجار قبله عند الأخفش، لا يقال: إن الجار هنا قد اعتمد لوقوعه خبراً ل «أن» ، فيرفع الفاعل عند الجميع؛ لأن الفائدة لم تتم به، فلا يجعل خبراً.