للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

{مَعَاذَ الله أَن نَّأْخُذَ إِلَاّ مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ} ولم يقل:» مَنْ سَرَقَ «تحرُّزاً من الكذب.

فإن قيل: هذه الواقعةُ من أوَّلها إلى آخرها، تزوير وكذب، فكيف يجوز ليوسف مع رسالته الإقدام على التَّزوير، وإيذاء النَّاس من غير ذنب لا سيَّما ويعلم أنَّهُ إذا حبس أخاه عنده بهذه التُّهمةِ فإنه يعظمُ حزنُ إبيه، ويشتدُّ غمُّه، فكيف يليقُ بالرسول المعصوم المباغلة في التَّزويرِ إلى هذا الحدّ؟! .

فالجواب: لعلَّه تعالى أمره بذلك تشديداً للمحنة على يعقوب، ونهاه عن العفوِ والصَّفح، وأخذ البدل، كما أمر تعالى صاحب موسى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ بقتل من لو بَقِي لَطَغَى وكفَر.

قوله

: {فَلَمَّا

استيأسوا

} «اسْتَفْعَلَ» هنا بمعنى «فَعِلَ» المجرَّد يقال: يَئِسَ، واسْتَيْأس [بمعنى] نحو «عَجِبَ واسْتَعْجَبَ، وسَخِرَ، واسْتَخَرَ.

وقال الزمخشري: وزيادة التَّاء والسِّين في المبالغة نحو ما مرَّ في:» اسْتَعْصَمَ «وقرأ البزيُّ عن ابن كثير بخلاف عنه:» اسْتَأيَسُوا «بألف بعد التاء ثم ياء وكذلك في هذه السورة: {وَلَا تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ الله} [يوسف: ٨٧] إنَّه لا يَيْأسُ {حتى إِذَا استيأس الرسل} [يوسف: ١١٠] ، وفي الرعد: {أَفَلَمْ يَيْأَسِ} [الرعد: ٣١] الخلاف واحد.

فأمَّا قرأءة العامة: فهي الأصل، إذ يقال: يَئِسَ، فالفاء ياء، والعين همزة وفيه [لغة] أخرى، وهي القلبُ [الرعد: ٣١] بتقديم العين على الفاءِ، فيقال: أيِسَ، ويدلُّ على ذلك شيئان:

أحدهما: المصدر الذي هو اليأسُ.

والثاني: أنَّه لو لم يكن مقلوباً للزم قلبُ الياءِ ألفاً، لتحركها، وانفتاح ماقبلها، ولكن منع من ذلك كون الياءِ في موضع لا تعلُّ فيه ما وقعت موقعه، وقراءة ابن كثير من هذا، ولما قلب الكلمة أبدل من الهمزة ألفاً لسكونها بعد فتحة، إذ صارت كهمزة رأس، وكأس، وإن لم يكن من أصله قلب الهمزة السَّاكنة حتىعلَّةِ وهذا كما تقدَّم أنه يقرأ»

<<  <  ج: ص:  >  >>