قوله:{أَوَ لَمْ يَرَوْاْ إلى مَا خَلَقَ الله مِن شَيْءٍ} الآية قرأ الأخوان: «تَرَوْا» بالخطاب جرياً على قوله: «فإنَّ ربّكُمْ» .
والباقون: بالياء جرياً على قوله: {أَفَأَمِنَ الذين مَكَرُواْ}[النحل: ٤٥] .
وأما قوله {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطير}[الملك: ١٩] فقراءة حمزة أيضاً بالخطاب، ووافقه ابن عامر فيه؛ فحصل من مجموع الآيتين: أنَّ حمزة بالخطاب فيهما، والكسائي بالخطاب في الأولى، والغيبة في الثانية، وابن عامر بالعكس، والباقون: بالغيبة فيهما.
وأما توجيهُ الأولى فقد تقدم، وأما الخطاب في الثانية؛ فجرياً على قوله تعالى:{والله أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ}[النحل: ٧٨] وأمَّا الغيبة؛ فجرياً على قوله تعالى {وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله}[النحل: ٧٣] إلى آخره، وأمَّا تفرقة الكسائي، وابن عامرٍ بين الموضعين؛ فجمعاً بين الاعتبارين، وأنَّ كلاًّ منهما صحيح.
فصل
لمَّا خوَّف المشركين بأنواع العذاب المتقدمةِ، أردفه بما يدلُّ على كمال قدرته في تدبير أحوال العالم العلوي، والسفلي؛ ليظهر لهم أنَّ مع كمال هذه القدرة القاهرة والقوة الغير متناهية، كيف يعجز عن إيصال العذاب إليهم؟ وهذه الرؤية لما كانت بصرية وصلت ب «غلى» ؛ لأن المراد بها الاعتبارُ، والاعتبار لا يكون بنفس الرؤية، حتى يكون مع النظر غلى الشيء الكامل في أحواله.