قوله:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} قال الحسنُ: هذا راجع إلى الذين تابُوا؛ لأنهم بذلُوا أموالهم للصَّدقة؛ فأوجب الله تعالى أخذها، وصار ذلك معتبراً في كمال توبتهم، فتكون جارية مجرى الكفارة. وليس المراد منها الصدقة الواجبة، وإنَّما هي كفارة الذنبِ. وهذا بناء على القول بأنَّهُم ليسوا منافقين، ويدلُّ عليه قوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ:«ما أمرتُ أن آخُذَ مِنْ أموالكُمْ شَيْئاً» فلو كانت واجبة لم يقل ذلك. وأيضاً روي أنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ: أخذ الثلث وترك الثلثين. والواجبةُ ليست كذلك. وقيل: إنَّ الزكاة كانت واجبة عليهم، فلمَّا تابُوا عن تخلفهم عن الغزوِ، وحسن إسلامهم، وبذلوا الزكوات أمر الله رسوله أن يأخذها منهم. وهذا بناء على أنَّهم كانوا منافقين.
وقيل: هذا كلام مبتدأ، والمقصود منه إيجاب أخذ الزَّكاة من الأغنياء، وعليه أكثر الفقهاء، واستدلُّوا بقوله {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} . فدلَّ على أنَّ المأخوذَ بعض تلك الأموال لا كلها؛ لأنَّ «مِنْ» للتبعيض، ثم إن مقدار ذلك البعض غير مصرّح به، بل المصرح به قوله:«صدقَة» ، وليس المراد منه التنكير حتى يكفي أخذ أيّ جزء كان، وإن كان في غاية