قوله تعالى:{الله يصطفي من الملائكة رسلاً} الآية لما ذكر ما يتعلق بالإلهيات ذكر هاهنا ما يتعلق بالنبوات. قال بعضهم: [تقدير الكلام: ومن الناس رسلاً. ولا حاجة لذلك، بل قوله «ومن الناس» مقدَّر التقديم، أي: يصطفي من الملائكة ومن الناس رسلاً] . قال مقاتل: قال الوليد بن المغيرة {أَأُنزِلَ عَلَيْهِ الذكر مِن بَيْنِنَا} ؟ [ص: ٨] فأنزل الله هذه الآية فإن قيل: كلمة «من» للتبعيض، فقوله «من الملائكة» يقتضي أن يكون الرسل بعضهم لا كلهم، وقوله:{جَاعِلِ الملائكة رُسُلاً}[فاطر: ١] يقتضي كون كلهم رسلاً، فكيف الجمع؟
فالجواب: يجوز أن يكون المذكور ههنا من كان رسلاً إلى بني آدم، وهم أكابر الملائكة كجبريل وميكائيل وإسرافيل، والحفظة صلوات الله عليهم، وأما كل الملائكة فبعضهم رسل إلى البعض. فإن قيل: قوله في سورة الزمر {لَّوْ أَرَادَ الله أَن يَتَّخِذَ وَلَداً لاصطفى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ}[الزمر: ٤] فدل على أن ولده يجب أن يكون مصطفى، وهذه الآية تدل على أن بعض الملائكة وبعض الناس من المصطفين، فلزم بمجموع الآيتين إثبات الولد.
فالجواب: أن قوله: {لَّوْ أَرَادَ الله أَن يَتَّخِذَ وَلَداً لاصطفى}[الزمر: ٤] يدل على أن كل ولد