قد تقدَّمَ أنَّ مدار القرآن على تَقْرِير هذه المسائل الأربع وهي: التَّوحِيدُ، والنبوةُ، والمعادُ، والقضاءُ والقدرُ، ولا شك أنَّ إثبات المعاد مبنيٌّ على إثبات التَّوحيد والقدرة والعلم، فلمَّا بالغ الله في تقرير المعادِ عاد إلى ذكر الدلائل الدالة على التوحيد وكمال القُدْرَةِ والعلم، لتصير تلك الدلائل مقررة لأصول التَّوحيدِ، ومقررّة أيضاً لإثبات المعاد.
قوله:{إِنَّ رَبَّكُمُ الله} الجمهور على رفع الجلالة خبرا ل «إنَّ» ، ويضعف أن تجعل بدلاً من اسم «إنَّ» على الموضع عند مَنْ يرى ذلك، والموصول خبر ل «أنَّ» وكذا لو جعله عطف بيان، ويتقوَّى هذا بِنَصْبِ الجلالةِ في قراءة بكار، فإنَّها فيها بدلٌ، أو بيان لاسم «إنّ» على اللفظ، ويضعف أَن تكون خبرها عند مَنْ يرى نصب الجزءين فيها كقوله:[الطويل]
قيل: ويُؤيِّدُ ذلك قِرَءةُ الرَّفْعِ أي: في جعلها إيَّاهُ خبراً، والموصول نعت لله، أو بيان له، أو بدل مِنْهُ، أو يُجْعَل خبراً ل «إن» على ما تقدَّم من التخاريج، ويجوز أن يكون معطوفاً على المَدْحِ رفعاً، أو نصباً.
قوله:«في سِتَّةِ» حكى الواحِدِيُّ عن الليث أنَّهُ قال: «الأصل في الستّ والستّة: سدسٌ وسدسةٌ [أبدل السين تاء] ولما كان مخرج الدّال والتّاء قريباً، وهي ساكنة أدغم أحدهما في الآخر، واكتفى بالتَّاءِ، ويدلُّ عليه أنَّكَ تقُولُ في تصغير ستة: سُديْسَةٌ،