قوله تعالى:{وَمَا خَلَقْنَا السمآء والأرض} الآية. اعلم أنه لما بين إهلاك القرية لأجل تكذيبهم أتبعه بما يدل على أنه فعل ذلك عدلاً منه، ومجازاة على ما فعلوا فقال:{وَمَا خَلَقْنَا السمآء والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ} أي: وما سوينا هذا السقف المرفوع، وهذا المهاد الموضوع وما بينهما من العجائب والغرائب كما سوى الجبابرة سقوفهم وفرشهم للعب واللهو، وإنما سويناهم لفوائد دينية ودنيوية. أما الدينية فليتفكر المكلفون فيها على ما قال:{وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السماوات والأرض}[آل عمران: ١٩١] . وأما الدنيوية فلما يتعلق بها من المنافع التي لا تعد ولا تحصى، وهو كقوله:{وَمَا خَلَقْنَا السمآء والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً}[ص: ٢٧] وقوله: {مَا خَلَقْنَاهُمَآ إِلَاّ بالحق}[الدخان: ٣٩] . وقيل: وجه النظم أن الغر منه تقرير نبوة محمد - عليه السلام - والرد على منكريه، لأنه أظهر المعجز عليه، فإن كان محمد كاذباً كان إظهار المعجز عليه من باب اللعب، وذلك منفي عنه، وإن كان صادقاً فهو المطلوب وحينئذ يفسد كل ما ذكروه من المطاعن و «لاعبين» حال من فاعل «خلقنا» .
فصل
قال القاضي عبد الجبار: دلَّت هذه الآية على أن اللعب ليس من قبله تعالى، إذ لو كان كذلك لكان لاعباً، فإن اللاعب في اللغة اسم لفاعل اللعب، فنفي الاسم الموضوع لفعل يقتضي نفي الفعل. والجواب يبطل ذلك بمسألة الداعي، وقد تقدم. قوله:{لَوْ أَرَدْنَآ أَن نَّتَّخِذَ لَهْواً} .
قال ابن عباس: في رواية عطاء: اللهو: المرأة، وهو قول الحسن وقتادة وقال في رواية الكلبي: اللهو: الولد بلغة اليمن، وهو قول السدي. وهو في المرأة أظهر، لأن الوطأ يسمى لهواً في اللغة، والمرأة محل الوطأ.