لمَّا شَرَحَ وعيد الكفار وثواب أهل الإيمان أتبعه بذكر المُنَاظَراتِ التي تَدُورُ بين الفريقين في هذه الآية.
قوله:{أَن قَدْ وَجَدْنَا}«أن» يحتمل أن تكون تفسيرية للنِّدَاءِ، وأن تكون مخففة من الثَّقِيلَةِ، واسمها ضمير الأمر والشَّأنِ، والجملة بعدها خبرها، وإذَا كان الفعل مُتَصَرّفاً غير دعاء، فالأجود الفصل ب «قَدْ» كهذه الآية أو بغيرها. وقد تقدَّم تحقيقه في المائدة.
قال الزَّمخشريُّ: فإن قلت: هلا قيل: ما وعدكم ربكم، كما قيل:{مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا} .
قلت: حُذف ذلك تخفيفاً لدلالة «وَعَدَنَا» عليه.
ولقائل أن يقول: أطْلِقَ ليتناول كلَّ ما وعد الله من البعث والحساب والعقاب والثواب، وسائر أحوال القيامة، لأنَّهُم كانوا مكذِّبين بذلك أجمع، ولأنَّ الموعود كله ممَّا ساءهم، وما نعيم أهل الجنَّة إلَاّ عذاب لهم فأطلق لذلك.
قال شِهَابُ الدِّين: قوله: «ولقائل ... إلى آخره.
هذا الجواب لا يطابق سؤاله؛ لأنَّ المدعي حذف المفعول الأوَّل، وهو ضمير المخاطبين.
والجوابُ وقع بالمفعول الثَّاني الذي هو الحِسَابُ والعقاب، وسائر الأحوال، [فهذا] إنَّما يناسب لو سئل عن حذف المفعول الثاني، لا المفعول الأول» .