قوله تعالى:{يا أيها الذين آمَنُواْ قَاتِلُواْ الذين يَلُونَكُمْ مِّنَ الكفار} الآية.
نقل عن الحسن أنَّه قال هذه الآية نزلت قبل الأمر بقتال المشركين كافة. وأنكر المحقِّقُون هذا النسخ وقالوا: إنَّهُ تعالى لمَّا أمر بقتال المشركين كافة أرشدهم إلى الطَّريق الأصلح وهو أن يَبْتَدِئوا من الأقرب، فالأقرب، منتقلاً إلى الأبعدِ. ألا ترى أنَّ أمر الدعوةِ وقع على هذا الترتيب قال تعالى:{وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقربين}[الشعراء: ٢١٤] وأمر الغزوات وقع على هذا الترتيب؛ لأنَّه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ حارب قومه أولاً، ثم انتقل إلى غزو سائر العربِ، ثم انتقل إلى غزو الشَّام، والصَّحابة لمَّا فرغوا من أمر الشَّام دخلوا العراق. والعلَّة في الابتداء بالأقرب وجوه:
أحدها: أنَّ مقابلة الكل دفعة واحدة متعذّر، والكُلُّ متساوٍ في وجود القتال لما فيه من الكُفْرِ والمحاربة، والجمع متعذِّر، والقرب مرجح ظاهر كما في الدعوة.