للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

لمَّا تكلم مع اليهود شَرَعَ في الكلام هَاهُنا مع النَّصارى.

فحكى عَنْ فَريقٍ مِنْهُم أنَّهُمْ قالوا: {إِنَّ الله هُوَ المسيح ابن مَرْيَمَ} وهذا قول المَلْكَانِيَّة واليَعْقُوبِيَّة؛ لأنهم يَقُولُون: إنَّ مَرْيم ولدَت إلهاً، ولعلَّ معنى هذا المَذْهَب أنَّهُمْ يقولون: إنَّ الله تعالى حَلَّ في ذَاتِ عيسى واتّحد بِذاتِ عيسى، ثم حكى - سبحانه وتعالى - عن المسيح أنَّهُ قال: {يا بني إِسْرَائِيلَ اعبدوا الله رَبِّي وَرَبَّكُمْ} ، وهذا تنبيه على ما هُوَ الحُجَّةُ القَاطِعَةُ على فسَاد قول النَّصَارى؛ وذلك لأنَّه - عليه الصَّلاةُ والسلام - لم يُفَرِّقْ بينه وبين غيره، في أنَّ دلائل الحُدُوثِ ظَاهِرَةٌ عليه، ثم قال تعالى: {إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بالله فَقَدْ حَرَّمَ الله عَلَيهِ الجنة وَمَأْوَاهُ النار وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} ومعْنَاهُ ظاهرٌ واحتَجَّ أهْلُ السُّنَّةِ بهذا على أنَّ عِقَابِ الفُسَّاقِ لا يكون مُخَلَّداً قالوا: لأنَّه تعالى جَعَل أعظم أنواع الوعيدِ والتَّهْديد في حَقِّ المُشْرِكينِ، وهو أنَّ اللَّه - تعالى - حَرَّم عليهم الجَنَّة ومأوَاهُمُ النَّار، وأنَّهُ ليس لهم نَاصِرٌ يَنْصُرهُم، ولا شَافِعٌ يَشْفَعُ لهُمْ، فلو كان حال الفُسَّاقِ من المُؤمنين كَذَلِك لما بَقِي لتهْدِيدِ المُشركين على شِرْكِهِم بهذَا الوعيد فائدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>