وَجه النَّظْمِ على الاحتمال الأول في الآية المتقدمة أن النصارى تمسكوا - في بعض شُبَهِهِمْ - بما جاء في القرآن من صفة عيسى عليه السلام أنه روحُ اللهِ وكلمتُه، فبَيَّن الله تعالى بهذه الآيةِ أن القرآن مشتمل على مُحْكَم ومتشابه، والتمسّك بالمتشابهاتِ غيرُ جائزٍ - هذا على الاحتمال الأول في الآيةِ المتقدمةِ، وعلى الثاني - أنه تعالى لما بين أنه قيوم، وهو القائم بمصالح الخلق، والمصالح قسمان: جسمانية، وروحانية، فالجسمانية أشرفها تعدليل البنية على أحسن شكل، وهو المراد بقوله:{هُوَ الذي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأرحام}[آل عمران: ٦] وأما الروحانية فِأشرفُها العِلْمُ، وهو المراد بقوله:{هُوَ الذي أَنزَلَ عَلَيْكَ الكتاب} قوله: {مِنْهُ آيَاتٌ} يجوز أن تكون «آيَاتٌ» رَفْعاً بالابتداء، والجار خبره، وفي الجملة على هذا وجهانِ:
أحدهما: أنها مستأنفة.
والثاني: أنها في محل نصب على الحال من «الْكِتَابِ» أي: هو الذي أنزل الكتاب في هذه الحال، أي: منقسماً إلى محكم ومتشابهٍ.
ويجوز أن يكون «منه» هو الحال - وحده - وآيات: رفع [به]- على الفاعلية.