للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ} الآية.

اللام في [قوله] لجهنَّمَ يجوزُ فيها وجهان:

أحدهما: أنَّها لامُ الصيرورة والعاقبة، وإنَّما احتاج هذا القائلُ إلى كونها لام العاقبة كقوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الجن والإنس إِلَاّ لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: ٥٦] فهذه علةٌ معتبرةٌ محصولة، فكيف تكون هذه العلة أيضاً؟ وأورد من ذلك أيضاً قول الشاعر: [الوافر]

٢٦٢٨ - لِدُوا لِلْمَوْتِ وابْنُوا لِلْخَرابِ..... ... ... ... ... ... ... . .

وقول الآخر: [الطويل]

٢٦٢٩ - ألَا كُلُّ مَوْلُودٍ فَلِلْموتِ يُولَدُ ... ولَسْتُ أرَى حيّاً لِحَيٍّ يُخَلَّدُ

وقول الآخر: [الطويل]

٢٦٣٠ - فَلِلْمَوتِ تَغْذُو الوَالِداتُ سخَالَهَا ... كَمَا لِخرابِ الدُّور تُبْنَى المَسَاكِن

الثاني: أنها للعلة، وذلك أنَّهُم لمَّا كان مآلهم إليها، جعل ذلك سبباً على طريق المجاز. وقد ردَّ ابنُ عطيَّة على من جعلها لامَ العاقبة، فقال: وليس هذا بصحيح ولام العاقبة إنَّما تُتَصَوَّرُ إذا كان فعل الفاعل لم يُقْصَدْ مصيرُ الأمر إليه، وأمَّا هنا فالفعلُ قُصِد به ما يصير الأمر إليه من سُكْناهم لجهنم واللَاّم على هذا متعلقة بذَرَأنَا، ويجوز أن تتعلَّق بمحذوف على أنَّهُ حال من كَثِيراً؛ لأنه في الأصل صفة لها، لو تأخَّرَ، ولا حاجة إلى ادِّعاءِ قلب، وأنَّ الأصل: {ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً} ؛ لأنَّهُ ضرورةٌ أو قليلٌ، و «مِنَ الجِنِّ» صفة ل «كَثِيراً» .

فصل

ومعنى {ذَرَأْنَا} خلقنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس، أخبر الله تعالى أنه خلق كثيراً من الجن والإنس للنار، وهم الذينَ حقت عليهم الْكلمة الأزليَّة بالشّقاوة، ومن خلقه الله لجهنَّمَ، فلا حيلة له في الخَلاصِ منها.

قالت عائشةُ: «أدرك النّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ جنازة صبيٍّ من صبيان الأنْصَارِ، فقالت عائشةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>