قوله:«وأمْطَرْنَا» قال أبو عُبَيْدٍ: «يقال: مُطِر في الرحمة، وأمْطِر في العذاب» .
وقال [أبو القاسم] الرَّاغِبُ: ويقال: مطر في الخير، وأمطر في العذاب، قال تعالى:{وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً}[الحجر: ٧٤] .
وهذا مردود بقوله تعالى:{هذا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا}[الأحقاف: ٢٤] فإنهم إنَّما عنوا بذلك الرحمة، وهو من أمْطَرَ: وأمْطرتهم، وقوله تعالى هنا:«وأمْطَرْنا» ضُمِّن معنى «أرْسَلْنَا» ولذلك عُدِّي ب «عَلَى» ، وعلى هذا ف «مَطَراً» مفعولٌ به لأنَّهُ يُراد به الحجارة، ولا يُرَادُ به المصدر أصلاً، إذ لو كان كذلك لقيل: أمطار.
ويوم مَطِيرٌ: أي: مَمْطُورٌ. ويوم ماطر ومُمْطِرٌ على المجاز كقوله:{فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ}[إبراهيم: ١٨] ، ووادٍ مطير فقط فلم يُتَجَوَّزْ فيه ومطير بمعنى مُمْطِر؛ قال:[الطويل]
فعيل هنا بمعنى فاعل؛ لأنَّ السَّحاب يمطرُ غيرها، ونكَّر «مطراً» تعظيماً، والمرادُ بالمطر هنا يعني حجارة من سجيل.
قال وهب:«هي الكبريت والنَّار فانظر كَيْفَ كان عاقِبةُ المجرمين» .
فصل في إيجاب اللواط الحد
اللِّوَاط يوجب الحد، وهذه الآية تدلُّ عليه من وجوه:
الأول: أنَّهُ ثبت في شريعةِ لُوطٍ رجم اللوطيّ، والأصل بقاء ما ثبت إلى أنْ يرد الناسخ، ولم يرد في شرع مُحَمَّدٍ - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - ما ينسخه، فوجب الحكم ببقائه.
الثاني: قوله تعالى: {أولئك الذين هَدَى الله فَبِهُدَاهُمُ اقتده}[الأنعام: ٩٠] .