قوله:{وَلْيَسْتَعْفِفِ الذين لَا يَجِدُونَ نِكَاحاً} الآية.
لما ذكر تزويج الحرائر والإماء ذكر حال من يعجز عن ذلك فقال:«وَلْيَسْتَعْفِفِ» أي: وليجتهد في العفة، كأن المستعفف طالب من نفسه العفاف.
وقوله:{لَا يَجِدُونَ نِكَاحاً} أي: لا يتمكنون من الوصول إليه، يقال: لا يجد المرء الشيء إذا لم يتمكن منه، قال تعالى:{فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ}[النساء: ٩٢] ويقال: هو غير واجد للماء، وإن كان موجوداً، إذا لم يمكنه أن يشتريه. ويجوز أن يراد بالنكاح: ما ينكح به من المال، فبين تعالى أن من لا يتمكن من ذلك فليطلب التعفف ولينتظر أن يغنيه الله من فضله ثم يصل إلى بغيته من النكاح. فإن قيل: أفليس ملك اليمين يقوم مقام نفس النكاح؟
قلنا: لكن من لم يجد المهر والنفقة فبأن لا يجد ثمن الجارية أولى.
قوله تعالى:{والذين يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ ... } الآية لما بعث السيد على تزويج الصالحين من العبيد والإماء مع الرق رغبهم في أن يكاتبوهم إذا طلبوا ذلك ليصيروا أحراراً فيتصرفون في أنفسهم كالأحرار، فقال:{والذين يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ} . يجوز في الذين الرفع على الابتداء، والخبر الجملة المقترنة بالفاء لما تضمنه المبتدأ من معنى الشرط.
ويجوز نصبه بفعل مقدر على الاشتغال، كقولك:«زيداً فاضربه» وهو أرجح لمكان الأمر. والكتاب والكتابة كالعتاب والعتابة، وفي اشتقاق لفظ الكتابة وجوه: