وأتى بقوله «فَأَقْبَلَ» ماضياً لتحقق وقوعه، كقوله {ونادى أَصْحَابُ النار أَصْحَابَ الجنة}[الأعراف: ٥٠] وقوله: {يَتَسَاءَلُونَ} حال من فاعل «أقْبَلَ» والمعنى: أهل الجنة يسأل بعضهم بعضاً عن حاله في الدنيا.
قوله:{قَالَ قَآئِلٌ مِّنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ} أي في الدنيا ينكر البعث. و {يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ المصدقين} أي كان يوبِّخني على التصديق بالبعث والقيامة ويقول تعجباً: {أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَدِينُونَ} أي لمحاسبون ومُجَازوْنَ، والمعنى أن ذلك القرين كان يقول هذه الكلمات على سبيل الاستنكار. واعلم أنه تعالى لما ذكر أن أهل الجنة يتساءلون عند اجتماعهم على الشرب ويتحدثون كانت من جملة كَلِمَاتهم أنهم يتذكرون ما كان قد حصل لهم في الدنيا مما يوج الوقوع في عذاب الله ثم إنهم تخلصوا عنه وفازوا بالسعادة الأبدية. قال مجاهد: كان ذلك القرين شيطاناً، وقيل: كان من الإنس، وقال مقاتل: كانا أخَوَيْنِ وقيل: كانا شريكين حصل لهما ثمانية آلاف دينار