أحدها: أنها لام «كَيْ» والفِعْل بعدها مَنْصُوب بإضمار «أن» وفيما يتعلَّق به احتمالان:
الاحتمال الأول: أن يتعلَّق ب «يُوحِي» على أنَّها نَسَق على «غُرُوراً» و «غُرُوراً» مفعول له، والتقدير:«ويحي بَعْضُهم إلى بَعْض للغُرُور وللصَّغْو» ، ولكن لما كان المَفْعُول له الأوَّل مُسْتَكْمِلاً لِشُروط النَّصْب، نُصِب، ولما كان هذا غير مُسْتكملٍ للشُّروطِ، وصل افعل إليه بِحَرف العِلَّة، وقد فَاتَه من الشَّروط كونه لم يتَّحِد فيه الفَاعِل، فإنَّ فاعل الوحي:«بَعْضُهم» ، وفاعل الصَّغْو:«الأفئدة» وفات أيضاً من الشُّروط صَريح المصدريَّة.
والاحتمال الثاني: أن يتعلَّقِ بِمَحْذُوف متَأخِّر بَعْدَها، فقدَّره الزَّجَّاج، ولِتَصْغى إليه فَعَلُوا ذَلِك، وكذا قدَّره الزَّمَخْشَرِي، فقال: ولِتَصْغى جَوَابُه مَحْذُوف، تقديره: وليكون ذَلِك جَعَلْنا لكُلِّ نبي عدُواً على أن اللَاّم لام الصَّيْرُورة.
والوجه الثاني: أن اللَاّم لام الصَّيْرُورة وهي الَّتِي يعبِّرون عنها بِلام العاقِبَة، وهي رأي الزَّمَخْشَري، كما تقدَّم حكايته عنه.
الوجه الثالث: أنها لام القَسَم.
قال أبو البقاء:«إلا أنَّها كُسِرتْ لمَّا لم يؤكد الفِعْل بالنُّون» وما قَالَه غير مَعْرُوف، بل المَعْرُوف في هذا القَول: أنَّ هذه لام كَيْ، وهي جوابُ قسم مَحْذُوف، تقديره: واللَّه لتَصْغَى فوضع «لِتَصْغَى» موضع «لَتَصْغَيَنَّ» فصار دواب القَسَم من قَبِيل المُفْرَد؛ كقولك:«والله ليقومُ زيد» أي: «أحْلِفُ بالله لَقيامُ زيد» هذا مَذْهبُ الأخْفَش وأنشد: [الطويل]