والمرادُ بالبَحْر: جَمِيعُ المِيَاهِ، قال عُمَرٌ: صَيْدُه ما اصْطِيدَ، وجَميعُ ما يُصْطَادُ من البَحْرِ ثلاثةُ أجْنَاسٍ: الحِيتَانُ وجَمِيعُ أنْوَاعِها حلالٌ، والضَّفَادِعُ وجميع أنواعها حَرَامٌ، واختلَفُوا فيما سِوَى هَذَيْنِ.
فقال أبو حنيفة: إنَّه حَرَامٌ، وقال الأكثرُون: إنَّه حلالٌ لِعُمُومِ هذه الآيَة.
قوله:«وطعَامُهُ» : نسقٌ على «صَيْدُ» ، أي: أحِلَّ لكمُ الصيدُ وطعامُهُ، فالصَّيْدُ الاصْطِيَادُ، والطَّعامُ بمعنى الإطعامِ، أي: إنه اسمُ مصدرٍ، ويُقَدَّرُ المفعولُ حينئذٍ محذوفاً، أي: إطعامُكُمْ إياه أنفسكُمْ، ويجوز أن يكون الصَّيْدُ بمعنى المَصِيد، والهاءُ في «طَعَامُهُ» تعودُ على البَحْر على هذا أي: أُحِلَّ لكُمْ مَصِيدُ البَحْرِ وطعامُ البَحْر؛ فالطعامُ على هذا غَيْرُ الصَّيْدِ وعلى هذا ففيهِ وجوهٌ:
أحسنها ما ذكرهُ أبو بَكْر الصِّدِّيق، وعُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما -: أنَّ الصَّيدَ ما صِيدَ بالْحِيلَةِ حال حِيَاتِهِ - والطَّعَامُ ما رَمَى بِهِ البَحْرُ، أو نضبَ عَنْهُ المَاءُ مِنْ غَيْرِ مُعَالَجَةٍ.
وقال سعيدُ بنُ جُبَيْر، وسعيدُ بنُ المُسَيِّب، ومُقَاتِلُ، والنَّخْعِي، وعِكْرِمَةُ، وقتادَةُ: صَيْدُ البَحْرِ هو الطَّرِيُّ، وطعامَهُ هُو المُمَلَّحُ مِنْهُ، وهو ضَعِيفٌ؛ لأنَّ المملَّحُ كان طَرِيّاً وصَيْداً في أوَّلِ الأمْرِ فَيَلْزَمُ التكْرَارُ.
وأيضاً: فإنَّ الاصْطِيَادَ قد يَكُون للأكْل، وقد يَكُون لِغَيْرِه كاصْطِيَادِ الصَّدف لأجْلِ اللُّؤلُؤِ، واصْطِيَاد بَعْضِ الحيواناتِ البَحرِيَّة لأجل عِظَامِها وأسْنَانِهَا، فَحَصَل التَّغَايُر بين الاصْطِيَاد من البَحْرِ، وبين الأكْل مِنْ طعامِ البَحْر.
رُوِيَ عن ابن عبَّاس - وابن عُمَرَ، وأبي هُرَيْرَة: طَعَامُهُ ما قَذَفَهُ المَاءُ إلى السَّاحِل