قوله تعالى:{لَقَدْ نَصَرَكُمُ الله فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ} الآية.
لمَّا ذكر في الآية المتقدمة أنه يجب الإعراض عن مخالطة الآباء والأبناء، والإخوان، والعشيرة، وعن الأموال، والتجارات، والمساكن، رعاية لمصالح الدِّين، وعلم أنَّ ذلك يشقّ على النفوس، ذكر ما يدلُّ على أنَّ من ترك الدُّنيا لأجل الدِّين، فإنَّهُ تعالى يوصله مطلوبه.
وضرب لهذا مثلاً، وذلك أنَّ عسكر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في وقعة حنين، كانوا في غاية الكثرةِ والقوَّةِ، فلمَّا أعجبوا بكثرتهم، صارُوا منهزمين، فلمَّا تَضَرَّعُوا في حال الانهزام إلى اللهِ تعالى قوَّاهم حتَّى هزموا عسكر الكُفَّارِ، وذلك يدلُّ على أنَّ الإنسان متى اعتمد على الدُّنيا، فاته الدِّين والدنيا، ومتى أطاع الله، ورجَّحَ الدِّين على الدُّنيا، آتاه اللهُ الدِّين