المؤمنين، قالوا: يا رسُول الله كيف يمكن البراءة منهم بالكليَّة؟ وهذه الآية توجب انقطاعنا عن آبائنا وإخواننا وعشيرتنا، وإن نحن فعلنا ذلك، ذهبت تجارتنا، وهلكت أموالنا، وخربت ديارنا، فأنزل الله تعالى:{قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقترفتموها وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَآ} أي: تَسْتوطنُونَها راضين بسكناها {أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِّنَ الله وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ} فانتظروا {حتى يَأْتِيَ الله بِأَمْرِهِ} . قال عطاءٌ:«بقضائه» .
وقال مجاهدٌ ومقاتلٌ:«بفتح مكَّة» .
وهذا أمر تهديد، فبيَّن تعالى أنَّه يجب تحمل جميع هذه المضارّ في الدُّنيا، ليبقى الدِّين سليماً. ثم قال {والله لَا يَهْدِي القوم الفاسقين} أي: الخارجين عن الطاعةِ، وهذه الآية تدلُّ على أنَّه إذا وقع التَّعارضُ بين مصلحةٍ واحدة من مصالح الدِّين، وبين مهمات الدُّنيا؛ وجب ترجيح الدِّين على الدنيا.