قوله تعالى:{وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا} الكلام عليه قد تقدم عَلَى نظيره.
واعلم أن المراد بهذه الحكايات تسلية قلب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وتذكيره بحال الأنبياء.
فإن قيل: لِمَ لَم يذكر في «عَادٍ» و «ثمُودَ» أنبياءهم كما ذكر إبراهيم وموسى ولوطاً - عَلَيْهِمُ الصَّلاةُ والسلام -؟ {.
فالجواب: أنه ذكر ست حكايات، حكاية إبراهيم وبشارته وحكاية قوم لوط ونجاة مَنْ كان فيها من المؤمنين وحكاية موسى، ففي هذه الحكايات الثلاثة ذكر الرسل والمؤمنين لأن الناجين منهم كانوا كثيرين، فأما في حق إبراهيم وموسى فظاهر وأما في حق لوطٍ فلأن الناجين وإن كَانُوا أهْلَ بَيْتٍ واحد لكن المهلكين أيضاً كانوا أهل بُقْعَةٍ واحدة. وأما عاد وثمود وقوم نوح فكان عدد المهلكين بالنسبة إِلى الناجين أضعافَ المهلكين من قوم لوط عليهِ الصَّلَاةُ والسَّلَام؛ فذكر الحكايات الثلاث الأول للتسلية بإهلاك العدو والكل مذكور للتسلية بدليل قوله تعالى في آخر هذه الآيات: {كَذَلِكَ مَآ أَتَى الذين مِن قَبْلِهِمْ مِّن رَّسُولٍ إِلَاّ قَالُواْ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ} [الذاريات: ٥٢] إلى أن قال: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَآ أَنتَ بِمَلُومٍ}[الذاريات: ٥٤] وقال في سورة هود بعد الحكايات: {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَآءِ القرى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ}[هود: ١٠٠] إلى أن قال: {وكذلك أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ القرى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ}[هود: ١٠٢] .