قوله تعالى:{وَمَن كَانَ فِي هذه} : يجوز في «مَنْ» ما جاز في «مَنْ» قبلها، وأمال الأخوان وأبو بكر «أعْمَى» في الموضعين من هذه السورة، وأبو عمرو أمال الأول، دون الثاني، والباقون فتحوهما، فالإمالة؛ لكونهما من ذوات الياء، والتفخيمُ؛ لأنه الأصل، وأمَّا أبو عمرو، فأمال الأول؛ لأنه ليس أفعل تفضيلٍ، فألفه متطرفةٌ لفظاً وتقديراً، والأطرافُ محل التغيير غالباً، وأمَّا الثاني، فإنه للتفضيلِ، ولذلك عطف عليه «وأضلُّ» فألفه في حكم المتوسطة؛ لأنَّ «مِن» الجارَّة للمفضولِ، كالملفوظ بها، وهي شديدة الاتصال بأفعلِ التفضيلِ، فكأنَّ الألف وقعت حشواً، فتحصَّنتْ عن التغيير.
كذا قرَّره الفارسي والزمخشري، وقد ردَّ هذا بأنهم أمالوا {وَلَا أدنى مِن ذَلِكَ}[المجادلة: ٧] مع التصريح ب «مِنْ» فلأن يميلوا «أعْمَى» مقدراً معه «مِنْ» أولى وأحرى.
وأمَّا «أعْمَى» في طه [الآية: ١٢٤] فأماله الأخوان، وأبو عمرو، ولم يمله أبو بكر، وإن كان يميله هنا، وكأنه جمع بين الأمرين، وهو مقيَّد باتِّباع الأثر، وقد فرَّق بعضهم: