قوله تعالى:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الجبال} الآية، (لما وَصَفَ لهم يومَ القيامة) حكى سؤال من لا يؤمن بالحشر. قال ابن عباس: سأل رجلٌ من ثقيف رسولَ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فقال: كيفَ تكون الجبالُ يوم القيامة؟ فأنزل الله هذه الآية. وقال الضحاك: نزلت في مشركي مكة، قالوا يا محمد كيف تكون الجبالُ يوم القيامة؟ على سبيل الاستهزاء.
{فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً} وأجاب بفاء التعقيب، لأن مقصودَهم من هذا السؤال الطعنُ في الحشر والنشر، فلا جرم أمره بالجواب مقروناً بحرف التعقيب، لأن تأخير البيان في مثل هذه المسألة الأصولية غير جائز، وأما المسائل الفروعية فجائز فلذلك ذكر هناك بغير حرف التعقيب. والضمير في «يَنْسِفُهَا» عائد إلى الجبال، والنسف التذريَة. وقيل: القَلْع الذي يقلعها من أصلها ويجعلها هباءً منثوراً.
قال الخليل:«يَنْسِفُهَا» يُذْهِبُهَا ويطيُّرُهَا.
قوله:«فَيَذَرُها» في هذا الضمير وجهان:
أحدهما: أنه ضمير الأرض، أضمرت للدلالة عليها كقوله:{مَا تَرَكَ على ظَهْرِهَا مِن دَآبَّةٍ}[فاطر: ٤٥] .
والثاني: ضمير الجبال، وذلك على حذف مضاف أي فيذر مراكزها ومقارها