قوله:{والسمآء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ} العامة على النصب على الاشتغال، وكذلك قوله:{والأرض فَرَشْنَاهَا} والتقدير: وَبَنَيْنَا السَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا. وقال أبو البقاء: أي وَرَفَعْنَا السَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا فقدر الناصب من غير لفظ الظاهر. وهذا إنما يصار إليه عند تعذر التقدير الموافق لفظاً نحو: زَيْدٌ مرَرْتُ بِهِ، وزيد ضَرَبْتُ غُلَامَهُ وأما في نحو: زَيْداً ضَرَبْتُهُ، فلا يقدر إلا ضَرَبْتُ زَيْداً.
وقرأ أبو السَّمَّال وابن مِقسم برفعهما؛ على الابتداء، والخبر ما بعدهما. والنصب أرجح لعطف جملة الاشتغال على جملة فعلية قبلها.
قوله:«بأَيْدٍ» يجوز أن يتعلق بمحذوف على أنه حال وفيها وجهان:
أحدهما: أنها حال من فاعل «بَنَيْنَاهَا» أي ملتبسينَ بأيدٍ أي بقوة؛ قال تعالى:{واذكر عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الأيد}[ص: ١٧] .
الثاني: أنه حال من مفعوله أي ملتبسةً بقوة. ويجوز أن تكون الباء للسبب أي بسبب قُدْرَتِنَا. ويجوز أن تكون البَاء معدّية مجازاً على أن تجعل الأيدي كالآلة المبنيِّ بها، كقولك: بَنَيْتُ بَيْتَكَ بالآجُرّ.
قوله:«وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ» يجوز أن تكون الجملة حالاً من فاعل «بَنَيْنَاهَا» . ويجوز أن تكون حالاً من مفعوله ومفعول «موسِعُون» محذوف أي مُوسِعُونَ بِنَاءَهَا. ويجوز أن لا يقدر له مفعولٌ؛ لأن معناه: لَقَادِرُونَ كقولك: ما في وُسْعِي كذا أي ما في طاقتي وقُوَّتِي؛ كقوله تعالى:{لَا يُكَلِّفُ الله نَفْساً إِلَاّ وُسْعَهَا}[البقرة: ٢٨٦] قاله ابن عَبَّاسٍ وعنه أيضاً: لموسعون الرزق على خَلْقِنَا.