قوله تعالى:{وَرَاوَدَتْهُ التي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ}[الآية: ٢٣] أعلم أنَّ يوسف عليه الصلاةوالسلام كان في غاية الجمال، فملا رأته المرأةُ؛ طمعت فيه.
«وَرَاوَدتْهُ» ، أي طالبته برفقٍ ولين قول، والمُاردودَةُ: المصدرُ، والرِّيادةُ: طلب النِّكاح، يقال: وَاوَدَ فلانٌ جاريته عن نفسها، وراودته عن نفسه، إذا حاول كُلُّ واحدٍ منها الوطء، ومشى رويداً، أي: برفقٍ في مِشْيتهِ، والرَّودُ: الرِّفقُ في الأمورِ، والتَّأنِّي فيها، وراودت المرأةُ في مشيها ترودُ رَوَدَاناً من ذلك.
والمِرْودةٌ هذه الآية منه، والإرادة منقوله من رَادَ يَرُودُ إذا سعى في طلب حاجة، وتقدَّم ذلك في البقرة:[٢٦] .
وتعدى هنا ب «عَنْ» لأنه ضمن معنى خادعتهُ، أي: خادعته عن نفسه، والمفاعلة هنا من الواحدِ، نحو: داويت المريض، ويحتملُ أن تكون على بابها، فإنَّ كلاًّ منهما كان يطلبُ من صاحبه شيئاً برفق، هي تطلبُ منه الفعل، وهو يطلبُ منها التَّرْكَ.
والتشديدُ في «غَلّقتْ» للتكثير لتعدُّدِ المحالِّ، اي: أغلقت الأبواب وكانت سبعةً.
قال الواحدي:«وأصل هذا من قولهم في كلِّ فعل تشبث في شيء فلزمه قد غلق، يقال: غلق في الباطل، وغلق في غضبه، ومنه غلق الرهن ثم يعدى بالألف، فيقال: أغلق الباب إذا جعله بحيث يعسر فتحه، والسبب في تغليق الأبواب أنَّ [هذا الفعل] لا يُؤتى به إلَاّ في المواضع المستُورةِ لا سيَّما إذا كان حراماً، ومع الخوف الشديد» .
قوله:«هَيْتَ لَكَ» اختلف أهلُ النَّحو في هذه اللفظة، هل هي عربيةٌ أم معربةٌ؟ .