قوله:{قَدْ يَعْلَمُ الله المعوقين مِنكُمْ} المثَبِّطين الناس عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - {والقآئلين لإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا} ارجعوا إلينا ودعوا محمداً فلا تشهدوا معه الحرب فإنا نخاف عليكم الهلاك، قال قتادة: هم ناس من المنافقين كانوا يُثَبِّطُونَ أنصار النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقولون لإخوانهم: إن محمداً وأصحابه لو كانوا (لحماً لالْتَهَمُهمْ) أبو سفيان وأصحابه دعوا الرجل فإنه هالك. وقال مقاتل: نزلت في المنافقين فإنّ اليهود أرسلوا إلى المنافقين قالوا ما الذي يحملكم على قتل أنفسكم بيد أبي سُفْيَانَ ومَنْ مَعَهُ فإنهم إن قَدِرُوا عليكم في هذه المرة لم يَسْتَبْقُوا منكم أحداً وإنّا نشفق عليكم أنتم إخواننا وجيراننا هَلُمَّ إلينا فأقبل عبد الله بن أبيٍّ وأصحابُه على المؤمنين يُعَوِّقُونَهُمْ ويُخَوِّفُونَهُمْ بأبي سفيان وبمن معه قالوا: لئن قدروا عليكم لم يستبقوا منكم أحداً ما ترجون من محمد، ما عنده خير ما هو إلا أن يقتلنا ههُنَا انطلقوا بنا إلى إخواننا يعني اليهود فلم يزدد المؤمنون بقول المنافقين إلا إيماناً واحتساباً.
قوله:«هَلُمَّ»(تقدّم) الكلام فيه آخر الأنعام. وهو هنا لازم، وهناك مُتَعَدٍّ لنصبه مفعوله وهو «شُهَدَاءَكُمْ» بمعنى أَحْضِرُوهُمْ، وههنا بمعنى «احْضَرُوا» وتَعَالوا، وكلام الزمخشري هنا مؤذن بأنه متعد أيضاً وحُذِفَ مفعوله، فإنه قال:«وهَلُمُّوا إِلَيْنَا» أي قربوا أنفسكم إلينا (قال) : «وهي صوت سمي به فعل متعد مثل: احضَر وقَرْبْ» ، وفي تسميته إياه صوتً نظر إذا أسماء الأصوات محصورة ليس هذا منها. ولا يجمع في لغة الحجاز ويجمع في غيرها فيقال للجماعة: هَلُمُّوا وللنساء هَلْمُمْنَ.
قوله:{وَلَا يَأْتُونَ البأس} الحرب «إِلَاّ قَلِيلاً» رياء وسمعة أي لا يقاتلون معكم ويتعللون عن الاشتغال بالقتال وقت الحضور معكم ولو كان ذلك القليل لكان كثيراً.