للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

اعْلَم أنَّه لما بَيَّن حال مِنْ يَتَّخذُ مِنْ دُون الله أنْداداً بقوله: وَلَوْ يَرَى الَّذينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ العَذَابَ على طَرِيقِ التهْدِيد زادَ في هَذَا الوَعِيد بهذه الآية الكريمة، وبَيَّنَ أنَّ الذين أفْنَوْا عُمْرهم في عِبَادَتِهِمْ، واعتقَدُوا أنَّهم سَبَبُ نجاتِهِمْ، فإنَّهم يتبَّرءُون منْهُمْ؛ ونظيره قوله تعالى: {يَوْمَ القيامة يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً} [العنكبوت: ٢٥] وقولُهُ - عزَّ وجلَّ سبحانَهُ - {الأخلاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَاّ المتقين} [الزخرف: ٦٧] وقوله تعالى: {كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا} [الأعراف: ٣٨] وقول إبليس لعنه الله {إِنِّي كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ} [إبراهيم: ٢٢] .

وهل هذا التبرُّؤ يقع منهم بالقَوْل، أو بظُهُور النَّدَم على ما فرَطَ منهم من الكُفْر والإِعْرَاض؟ قوْلَان: أظهرها الأوَّل.

واختلفوا في خؤلاء المَتْبُوعِينَ، فقال قتادَةُ، والرَّبيع وعَطَاءٌ: السَّادة والرُّؤساء مِنْ مشركي الإنس إلَاّ أنَّهم الذين يصحُّ منهم الأَمر؛ والنَّهْيُ؛ حتى يمكن أن يتبعوا

وقال السُّدِّيُّ: هُمْ شَيَاطينُ الجِنِّ.

وقيلَ: شَيَاطين الإنْسِ والجِنِّ.

وقيلَ: الأوْثَان الَّتي كانُوا يسمُّونها بالآلهة؛ ويؤيد الأوَّل قولُهُ تعالى: {إِنَّآ أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَآءَنَا فَأَضَلُّونَا السبيلا} [الأحزاب: ٦٧] .

<<  <  ج: ص:  >  >>