هذا دليل آخر في بَيَانِ أنه لا يجوز للعاقلِ أنْ يتّخذ ولياً غير الله.
و «الباء» في قوله: «بِضُرِّ» للتعدية، وكذلك في «بخير» ، والمعنى: وإن يمسك اللَّهُ الضُّرَ، أي: يجعلك ماسَّاً له، وإذا مست الضر فقد مَسَّك، إلَاّ أن التَّعديَةَ بالباء في الفعل المُتَعَدِّي قليلةٌ جداً، ومنه قولهم:«صَكَكْتُ أحَدَ الحجرين بالآخر» .
وقال أبو حيان: ومنها قولهك تعالى {وَلَوْلَا دَفْعُ الله الناس بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ}[البقرة: ٢٥١] .
وقال الواحدُّ: - رَحِمَهُ اللَّهُ -: «إن قيل: إن المَسَّ من صِفَةِ الأجَسْامِ فكيف قال: وإن يَمْسَسْكَ اللَّهُ؟
فالجواب» الباء «لتعدية، والباء والألف يتعاقَبَانِ في التَّعديَةَ، والمعنى: إن أمَسَّك اللَّهُ ضُرّاً، أي: جعله مَاسَّك، فالفعلُ للضُّرِّ، وإن كان في الظاهر قد أسند إلى اسمِ اللَّهِ تعالى، كقولك:» ذهبَ زيدٌ بعمرو «، وكان الذَّهابُ فِعْلاً لعمرو، غير أن زيداً هو المُسَبِّبُ له والحاملُ عليه، كذلك هنا الميسُّ للضُرِّ، والله - تعالى - جعله مَاسّاً» .
قوله:«فلا كاشف له» : «له»«: خبر» لا «، وثمَّ مَحْذُوفٌ تقديره: فلا كاشف له عنك، وهذا المحذوف لي متعلِّقاً ب» كاشف «، إذ كان يلزمُ تنوينه وإعرابه، بل يتعلَّق بمحذوف، أي: أغني عنه. و» إلَاّ هو «فيه وجهان:
أحدهما: أنه بدلٌ من مَحَلّ» كاشف «فإن مَحَلَّه الرفع على الابتداء.
والثاني: أنه بَدَلٌ من الضمير المُسْتَكِنِّ في الخبر، ولا يجوز أن يرتفع باسم الفاعل، وهو» كاشف «؛ لأنه مطوَّلاً [ومتى كان مطوَّلاً] أعْرِبَ نَصْباً، وكذلك لا يجوز أن يكون بَدَلاً من الضمير المُسْتَكِنّ في» الكاشف «للعلَّةِ المتقدّمة؛ إذ يحلُّ مَحَلُّ مَحَلَّ المبدل