أحدهما: أنه - تعالى - لما حكى عنهم الطَعْنَ في نبوَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وأجاب عن ذلك، بيَّن في هذه الآية التعجُّب من حالهم.
والمعنى: كيف يليق بكم الطعن في نبوَّته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وكتبكم ناطقة بأنه يجب عليكم ذِكْرُ الدلائل الدالة على صِدقه ونبوته؟
ثانيهما: أنه لما أوجب عليه احتمال الأذَى من أهل الكتاب - وكان من جُمْلَة أذاهم كتمانُ ما في التوراة والإنجيل من الدلائلِ الدالةِ على نبوَّتِه، وتحريفها - بيَّن أن هذا من تلك الجملةِ التي يجبُ فيها الصبر.
قوله:{لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ} هذا جواب لما تضمنه الميثاق من القسم. وقرأ أبو عمرو، وابن كثيرٍ، وأبو بكر بالياء، جرياً على الاسم الظاهر - وهو كالغائب - وحَسَّن ذلك قوله - بعده -: «فَنَبَذُوهُ» والباقون بالتاء؛ خطاباً على الحكاية، تقديره: وقلنا لهم، وهذا كقوله:{وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بني إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ}[البقرة: ٨٣] بالتاء والياء كما تقدم تحريره.
قوله:{وَلَا تَكْتُمُونَهُ} يحتمل وجهين:
أحدهما: واو الحال، والجملة بعدها نصب على الحال، أي: لتبينُنَّه غيرَ كاتمين. الثاني: أنها للعَطْف، والفعل بعدها مُقْسَم عليه - أيضاً - وإنما لم يُؤَكِّدْ بالنون؛ لأنه منفيّ، كما تقول: واللهِ لا يقومُ زيدٌ - من غير نون - وقال أبو البقاء: «ولم يأتِ بها