للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

في» تَكْتُمُونَ «اكتفاءً بالتوكيد في الأول؛» تَكْتُمُونَهُ «توكيد» .

وظاهر عبارته أنه لو لم يكنْ بعد مؤكَّد بالنون لزم توكيده، وليس كذبك؛ لما تقدم. وقوله: لأنه توكيدٌ، يعني أن نفي الكتمان فُهمَ من قوله: {لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ} فجاء قوله: {وَلَا تَكْتُمُونَهُ} توكيداً في المعنى.

واستحسن أبو حيَّان هذا الوجه - أعني: جَعْل الواو عاطفةً لا حاليةً - قال: «وهذا الوجه - عندي - أعْربَ وأفصح؛ لأن الأول يحتاج إلى إضمار مبتدأ قبل» لا «لا تدخل عليه واوُ الحال» .

وغيره يقول: إنه يمتنع إذا كانَ مضارعاً مُثْبَتاً، فيُفهم من هذا أن المضارعَ المنفيَّ بكُلِّ نافٍ لا يمتنع دخولُها عليه.

وقرأ عبد الله: لَيُبَينونَه - من غير توكيد - قال ابنُ عطيَّة: «وقد لا تلزم هذه النونُ لامَ التوكيد قال سيبويه» .

والمعروفُ - من مذهب البصريين - لزومهما معاً، والكوفيون يجيزون تعاقُبَهما في سعةَ الكلامَ.

وأنشدوا: [الطويل]

١٧٠٦ - وَعَيْشِكِ - يا سَلْمَى - لأوقِنُ أنَّني ... لِمَا شِئْتِ مُسْتْلٍ، وَلَوْ أنَّهُ الْقَتْلُ

وقال الآخرُ: [المتقارب]

١٧٠٧ - يَمِيناً لأبْغَضُ كُلَّ امْرِئٍ ... يُزَخْرِفُ قَوْلاً وَلَا يَفْعَلُ

فأتى باللام وحدها. وقد تقدم تحقيقُ هذا.

وقرأ ابنُ عباس: ميثاق النبيين لتبيننه للناس، فالضمير في قوله: {فَنَبَذُوهُ} يعود على {الناس} المبيَّن لهم؛ لاستحالة عَوْدِهِ على النبيين، وكان قد تقدم في قوله تعالى:

{وَإِذْ أَخَذَ الله مِيثَاقَ النبيين لَمَآ آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ} [آل عمران: ٨١] أنه - في أحد الأوجه - على حذف مضاف، أي: أولاد النبيين، فلا بُعْدَ في تقديره هنا - أعني: قراءة ابن عباس -. والهاء في {لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ} قال سعيدُ بنُ جُبَيْر والسُّدِّيُّ تعود إلى محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وعلى هذا يكونُ الضميرُ عائداً إلى معلوم غير مذكور.

<<  <  ج: ص:  >  >>