للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السمآء الدنيا بِمَصَابِيحَ} ، أي: السماء القربى؛ لأنها أقرب السماوات إلى النَّاس، والمعنى: السَّماء الدُّنيا من النَّاس أي: الدنيا منكم لأنها «فعلى» تأنيث «أفعل» التفضيل، «بِمصَابِيحَ» جمع مصباح وهو السِّراجُ، وسمى الكواكب مصابيح لإضاءتها وسماها زينة لأن الناس يزينون مساجدهم ودورهم بالمصابيح، فكأنه قال: ولقد زيَّنَّا سقف الدارِ التي اجتمعتم فيها بمصابيح الأنوار.

قوله: {وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لِّلشَّيَاطِينِ} .

الضمير في «وَجَعَلْنَاهَا» يجوز فيه وجهان:

أظهرهما: أنه يعود على «مَصَابِيحَ» .

قيل: وكيفية الرَّجْم أن توجد نار من ضوء الكواكب يرمي بها الشيطانُ، والكوكب في مكانه لا يرجم به. قاله أبو علي جواباً لمن قال: كيف تكون زينةً وهي رجوم لا تبقى؟ .

قال المهدويُّ: وهذا على أن يكون الاستراق من موضع الكوكب.

والثاني: أن الضمير يعود على السماء، والمعنى: وجعلنا منها؛ لأن ذات السماء ليست للرجوم.

قاله أبو حيان. وفيه نظر لعدم عود الضمير على السَّماء.

قال القرطبي: والمعنى جعلنا شُهُباً، فحذف المضاف، بدليل قوله {إِلَاّ مَنْ خَطِفَ الخطفة فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ} [الصافات: ١٠] ، قال: وعلى هذا فالمصابيح لا تزول ولا يرجم بها.

قال المهدويُّ: وهذا على أن يكون الاستراق دون موضع الكوكب.

وقال القشيريُّ: وأحسن من قول أبي علي أن نقول: هي زينة قبل أن ترجم بها الشياطين.

والرجوم: جمع رجمٍ، وهو مصدر في الأصل أطلق على المرجوم به كضرب الأمير.

<<  <  ج: ص:  >  >>