لما ذكر كرامات الإنسان في الدُّنيا، شرح درجات أحواله في الآخرة.
قوله تعالى:{يَوْمَ نَدْعُواْ} : فيه أوجه:
أحدها: أنه منصوبٌ على الظرفية، والعامل «فضَّلنَاهُمْ» أي: فضَّلناهم بالثواب يوم ندعُو، قال ابن عطيَّة في تقريره: وذلك أنَّ فضل البشر على سائر الحيوان يوم القيامة بيِّنٌ، إذ هم المكلَّفون المنعَّمون المحاسبون الذين لهم القدرُ؛ إلا أنَّ هذا يردُّه أنَّ الكفار [يومئذٍ] أخسرُ مِنْ كلِّ حيوانٍ؛ لقولهم:{ياليتني كُنتُ تُرَاباً}[النبأ: ٤٠] .
الثاني: أنه منصوبٌ على الظرف، والعامل فيه «اذكُرْ» قاله الحوفيُّ وابن عطيَّة، وهذا سهوٌ؛ كيف يعمل فيه ظرفاً؟ بل هو مفعولٌ.
الثالث: أنه مرفوعُ المحلِّ على الابتداء، وإنما بُنِيَ لإضافته إلى الجملة الفعلية، والخبر الجملة بعده، قال ابن عطيَّة في تقريره: ويصحُّ أن يكون «يوم» منصوباً على البناء، لمَّا أضيف إلى غير متمكِّنٍ، ويكون موضعه رفعاً بالابتداء، وخبره في التقسيم الذي أتى بعده في قوله «فَمنْ أوتِي كِتابَهُ» إلى قوله «ومَنْ كَانَ» قال أبو حيان: قولهُ «منصوبٌ على البناء» كان ينبغي أن يقول: مبنياً على الفتح، وقوله «لمَّا أضيف إلى غير متمكِّن» ليس بجيِّدٍ؛ لأنَّ المتمكِّن وغير المتمكِّن، إنما يكون في الأسماءِ، لا في الأفعالِ، وهذا أضيف إلى فعلٍ مضارع، ومذهبُ البصريين فيه أنه معربٌ، والكوفيون يجيزون بناءه، وقوله:« [والخبر] في التقسيم» إلى آخره، التقسيم عارٍ من رابطٍ يربط جملة التقسيم بالابتداء. قال شهاب الدين: الرابط محذوفٌ للعلم به، أي: فمن أوتي كتابه فيه.