للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

في «ما» هذه قَوْلان:

أحدهما: قال أبو البقاء: إنها شَرْطِيةٌ: وضَعَّف أن تكونَ مَوْصُولةً قال: «ولا يَحْسُن أن تكُونَ بِمَعْنَى الذي؛ لأنَّ ذلك يَقْتَضِي أن يكون المُصيبُ لهم مَاضِياً مخصَّصاً، والمعنى على العُمُومِ والشَّرْطيةُ أشْبَهُ، والمرادُ بالآيةَ: الخِصْب والجَدْب، ولذلك لم يَقُلْ: ما أصَبْت» . انتهى، يَعْنِي أنّض بَعْضَهم يَقُول: إنَّ المرادَ بالحَسَنة الطَّاعةُ، وبالسَّيِّئةِ المَعْصِيَةُ، ولو كان هَذَا مُرَاداً، لقال: «ما أصَبْتُ» ؛ لأنَّه الفَاعِلُ للحَسَنَةِ والسَّيِّئة جَمِيعاً، فلا تُضَاف إليه إلا بِفعْلِهِ لَهُمَا.

والثاني: أنها مَوْصُولةٌ بمعنى الَّذِي، وإليه ذَهَب مكِّي، ومَنَع أن تَكُونَ شَرْطِيَّة، قال: «وليسَتْ للشرطِ؛ لأنَّها نزلت في شَيْءٍ بِعَيْنِه، وهو الجَدْب والخِصْب، والشَّرطُ لا يكون إلا مُبْهَماً، يجوزُ أنْ يَقَع وألَاّ يقعَ، وإنَّما دخلت الفَاءُ للإبْهَام الَّذِي في» الَّذِي «مع أن صِلَتهِ فِعْلٌ، فدلَّ على أنَّ الآية لَيْسَت في المَعَاصِي والطَّاعَات كَمَا قال أهْلُ الزَّيْغ، وأيْضاً فإنَّ اللَّفْظَ» ما أصابَكَ «، ولم يَقُل:» ما أصَبْتَ «. انتهى.

والأوَّلُ أظهرُ؛ لأنَّ الشرطيةَ أصْلٌ في الإبْهام كنما ذكره أبُو البَقَاء، والموصولوُ فبالحَمْل عَلَيْها، وقولُ مكيّ:» لأنها نَزَلَتْ في شيء بعينه «هذا يقتضي ألَاّ يُشَبَّه الموصولُ بالشرطِ؛ لأنه لا يُشَبَّه بالشَّرْط فلم تَدْخُلِ الفَاءُ في خَبَره، نَصَّ النَّحْويُّون على ذلك، وفي المَسْألَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>