«يَسْتَخفُون» : وجهان: أظهرُهُمَا: أنها مَستأنفة لمجرد الإخْبَار بأنهم يَطْلُبون التستُّر من الله - تعالى - بجهلهم.
والثاني: أنها في مَحَلِّ نَصبٍ صفة ل «مَنْ» في قوله: {لا يحبُّ مَنْ كان خَواناً}[النساء: ١٠٧] وجُمِع الضَّمِير اعتباراً بمعناها إن جعلت «مَنْ» نكرةً موصوفة، أو في مَحَلِّ نصب على الحَالِ مِنْ «مَنْ» إن جَعَلْتَها مَوصُولة، وجُمِعَ الضميرُ باعتبار مَعْنَاها أيضاً.
والاستخفاء الاستتار، يقال استَخْفَيْت من فُلان: أي: توارَيْتُ منه واسْتَتْرتُ؛ قال الله - تعالى -: {وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بالليل}[الرعد: ١٠] أي: مُسْتَتر، ومعنى الآيَة: يَسْتَتِرُون من النَّاسِ، ولا يَسْتَتِرُونَ من اللَّه.
قال ابن عبَّاسٍ يَسْتَحْيُون من النَّاس، ولا يَسْتَحيون من اللَّه. قال الواحِدِي: هذا مَعْنًى وليس بِتَفْسير؛ وذلك أنَّ الاستحْيَاء من النَّاس هو نفس الاسْتِخْفَاء، فَلَيْس الأمْر كذلك. قوله:«وَهُو مَعَهُم» جملة حالية إمَّا من اللَّه - تعالى -، أو من المُسْتَخْفِينَ، وقوله:«معهم» أي: بالعِلْم، والقُدْرَة، والرُؤيَة، وكَفَى هذا زاجراً للإنْسَان، و «إذْ» منصوبٌ [بالعامل - في] الظَّرْفِ - الوَاقِعِ خبراً، وهو «مَعَهُم» ومعنى: يُبَيِّتُون: